منذ ما قبل وصول المبعوث الرئسي الأميركي عاموس هوكشتاين إلى بيروت، تحدث رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن الفرصة الأخيرة لوقف إطلاق النار، في إشارة إلى إقتراب موعد الإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، ما يعني أن الأمور ستؤجل إلى ما بعد هذا الإستحقاق، في حال لم تنجح واشنطن في التوصل إلى تسوية خلال أيام.
في هذا السياق، من الطبيعي أن الأمور لن تنتهي بمجرد الزيارة التي قام بها هوكشتاين إلى لبنان، على إعتبار أن التفاوض لا يزال في بداياته، وبالتالي من المفترض أن تحصل أكثر من جولة، قبل الوصول إلى أي إتفاق، في حال كانت الفرصة متوفرة، لكن يبقى من الطبيعي السؤال عن المسارات المتوقعة، في حال لم يحصل ذلك، بالرغم من أن السقف الذي تحدث به المبعوث الأميركي، بعد لقائه بري، لم يكن عالياً، كما كان سرب قبل ذلك، والأجواء كانت جيدة.
في هذا الإطار، تلفت مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن الوصول إلى إتفاق، قبل موعد الإنتخابات الأميركية، ليس بالأمر السهل، لكنها تشدد على أنه ليس مستحيلاً، وبالتالي من الممكن الرهان على المفاوضات التي تحصل، لا سيما أن التوازنات التي فرضتها العمليات العسكرية باتت شبه واضحة، بعد أن نجح "حزب الله" في إستعادة عافيته عسكرياً، ما ترجم توسعاً في عمليات إطلاق الصواريخ نحو المستعمرات، إلى جانب المواجهات التي يخوضها براً.
بالنسبة إلى هذه المصادر، لن يكون من المستغرب أن تشهد الأيام المقبلة المزيد من التصعيد، كمثل مبادرة إسرائيل إلى إستهداف فروع مؤسسة القرض الحسن، بعد أن كان "حزب الله" قد بادر إلى توسيع دائرة العمليات التي يقوم بها أيضاً، وتوضح أن هذا الأمر من شروط التفاوض، من الناحية العملية، على إعتبار أن كل فريق يسعى إلى تحسين وضعيته، من دون تجاهل أن هناك مجموعة من المؤشرات الصعبة، أبرزها الوقت القصير الفاصل عن الإستحقاق الأميركي، بالإضافة إلى إحتمال الرد الإسرائيلي على إيران، وما قد ينجم عن ذلك من تداعيات.
على مدى الأشهر الماضية، طرحت معادلة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، يراهن على فوز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في الإنتخابات، ما يعني أنه لن يعمد إلى منح الإدارة الحالية برئاسة جو بايدن ورقة التسوية، التي من المفترض أن تستفيد منها المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، لكن في المقابل لا يمكن تجاهل أن إدارة بايدن أعطت تل أبيب، طوال الفترة السابقة، كل ما تحتاجه.
على هذا الصعيد، تطرح المصادر السياسية المتابعة الكثير من علامات الإستفهام حول ما يمكن أن يحصل فيما لو فشلت المحاولة الأميركية الأخيرة، حيث تعتبر أن إمتداد العدوان، إلى ما بعد الإنتخابات في الولايات المتحدة، سيعني المزيد من الدمار لا أكثر، نظراً إلى أن الأمور من الناحية العسكرية، بالنسبة إلى الجبهة اللبنانية تحديداً، لن تتغير كثيراً، أما الحديث عن منح ترامب، في حال فوزه، نتانياهو الفرصة من أجل تحقيق المزيد من "الإنتصارات" على مستوى المنطقة، فترى أنه قد لا يكون أمراً واقعياً، بل على العكس من ذلك، هو قد يبادر إلى السعي إلى إنهاء الصراع بشكل أسرع من هاريس.
في المحصلة، تجزم هذه المصادر بأن مسار الدعم الأميركي لإسرائيل لا يتعلق بشخص، وبالتالي هو سيستمر، أي تكون هوية الرئيس المقبل، حيث تشير إلى أن شروط أي تسوية تبقى مرتبطة بالوقائع الميدانية، أولاً وأخيراً، الأمر الذي لا يمكن تجاوزه، وتضيف: "لو نجحت تل أبيب في تحقيق تقدم بري كبير، كان دعم إدارة بايدن سيكون أكبر من الذي حصلت عليه تل أبيب حتى الآن".